تأملات قلبيةمن وحي القلم

عبد أم ابن؟!

نحو حياة بنوية حميمية

الابن الضال

“١٧ فَرَجَعَ إِلَى نَفْسِهِ وَقَالَ: كَمْ مِنْ أَجِيرٍ لِأَبِي يَفْضُلُ عَنْهُ ٱلْخُبْزُ وَأَنَا أَهْلِكُ جُوعًا! ١٨ أَقُومُ وَأَذْهَبُ إِلَى أَبِي وَأَقُولُ لَهُ: يَا أَبِي، أَخْطَأْتُ إِلَى ٱلسَّمَاءِ وَقُدَّامَكَ، ١٩ وَلَسْتُ مُسْتَحِقًّا بَعْدُ أَنْ أُدْعَى لَكَ ٱبْنًا. اِجْعَلْنِي كَأَحَدِ أَجْرَاكَ.”  (لو 15)

يتفاعل الابن الضال مع وضعه في الحياة، ومع نفسه، ومع الله. إنه يتذكر النعم التي كان يتمتع بها، وحتى الخدم، في بيت أبيه. ولكن الآن، وهو في هذه الحالة البائسة، يقرر تغيير حياته، ويقرر العودة: “سأقوم وأذهب إلى أبي”. يعود نادماً تائباً حقاً، مدركاً أنه أخطأ في حق الله وفي حق أبيه. في إشارة نبيلة، يقر بأنه غير جدير… غير جدير بأن يُدعى ابنًا… يقر بأنه غير جدير بأي حق، لأنه ضيع كل شيء بإسرافه (لو ١٥: ١٣-١٤). ومرة أخرى، وهو يتأمل، يتذكر أن حتى خُدّام أبيه يتمتعون بحقوق ونعم أكثر منه.

هنا يبدأ النحيب والتوسلات: لو كنت فقط مثل أحد هؤلاء الخُدّام. نعم، أعلم أنني فقدت كل شيء، وأنني أهدرت حياتي، وأنني فقدت كل كرامة وكل فضيلة. ولكن… في لطف أبي، أعلم أنه لا يزال هناك أمل. لو قبلني ولو كواحد من هؤلاء الخُدّام… “أبي… اجعلني كأحد أجراك” (لو١٥: ١٩).

وهكذا، كثيراً ما نقف أمام الله. ليس كأبناء، بل كعبيد. ونحتفظ بهذا الموقف في علاقتنا بالرب. ورغم أننا نعلم أن الآب يستقبلنا بحب، إلا أننا نشعر بداخلنا، وبشكل لا وعي، بالحاجة إلى فعل أشياء معينة لاستعادة بعض من الكرامة والفضيلة التي تأتي مع كوننا أبناء الله. هناك دافع باطني، ومتناقض، للشعور بأننا نستطيع وعلينا أن نكتسب رحمة الله ونعمته. كثيراً ما لا نقف أمام الله كأبناء، بل كعبيد. فالعبيد ليس لديهم حقوق، ولا يتمتعون بنعم الابن. ولكنهم يتحملون دائماً عبء القيام بعملهم جيداً، ليكونوا عبيد صالحين. وكعبيد، نحن بحاجة إلى أن نجد قبولاً في نظر السيد. نحن بحاجة إلى سماع كلمات إقرار الرب: “حسناً أيها العبد الصالح والأمين…” (متى ٢٥: ٢١). ولكن ويل لنا عندما لا نشعر بهذا الإقرار أو عندما نشعر بأننا لم نفعل ما يكفي لكي نكون أبناء صالحين ومقبولين. أبناء مقبولون؟ هل هناك اختبار لنكون أبناء مقبولين؟ هل هناك قائمة من الممارسات أو المسؤوليات التي يجب أن نفي بها لنكون أبناء الله المقبولين؟

موقفنا كعبيد، وليس كأبناء، يشكل علاقتنا بالله. ولا يسمح لنا أن نعيش في فرح وحرية سيدنا يسوع المسيح.

إذن، كيف نقف أمام الله؟ كأبناء أم كعبيد؟ إذا كان موقفنا أمام الله هو موقف العبد الذي يجب أن يحظى بالموافقة، فهذا يعني أننا لا نعرف الله شخصياً بعد.

فلنحيا كأبناء، وليس كعبيد!

جبريال

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى